الشاي الساخن: سر البرودة
علي العمري
| 18-07-2024
فريق الغذاء ·
مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، يسعى الكثيرون للحصول على الانتعاش والتبريد. ومن الطبيعي أن يتبادر إلى الذهن أن المشروبات الباردة هي الخيار الأمثل للتغلب على الحرارة. لكن هل هذا صحيح علميًا؟ وهل يمكن للشاي الساخن أن يكون أكثر فعالية في تبريد الجسم؟ دعونا نستكشف هذا الموضوع المثير للاهتمام بتفصيل أكبر.
أولًا، من المهم فهم كيفية تنظيم الجسم لدرجة حرارته. يحافظ جسم الإنسان على درجة حرارة داخلية ثابتة تقريبًا (حوالي 37 درجة مئوية) من خلال عملية تسمى التنظيم الحراري. عندما ترتفع درجة الحرارة الخارجية، يستخدم الجسم آليات مختلفة للتبريد، وأهمها التعرق.
عند شرب مشروب بارد، يحدث ما يلي :
1- إحساس فوري بالبرودة: يوفر المشروب البارد شعورًا فوريًا بالانتعاش والبرودة، خاصة في الفم والحلق.
2- انخفاض مؤقت في درجة حرارة الجسم: يمتص الجسم البرودة من المشروب، مما يؤدي إلى انخفاض طفيف ومؤقت في درجة حرارة الجسم الداخلية.
3- تقليل التعرق: يستجيب الجسم للبرودة الداخلية بتقليل إنتاج العرق.
4- زيادة إنتاج الحرارة لاحقًا: لتعويض الانخفاض في درجة الحرارة، قد يزيد الجسم من إنتاج الحرارة الداخلية.
عند شرب الشاي الساخن، فتحدث العمليات التالية :
1- زيادة درجة حرارة الجسم مؤقتًا: يرفع المشروب الساخن درجة حرارة الجسم قليلًا.
2- تحفيز التعرق: يستجيب الجسم لهذا الارتفاع بزيادة إنتاج العرق.
3- التبريد عن طريق التبخر: عندما يتبخر العرق من سطح الجلد، يأخذ معه كمية كبيرة من الحرارة، مما يؤدي إلى تبريد الجسم.
4- تأثير طويل المدى: يستمر هذا التأثير التبريدي لفترة أطول مقارنة بالمشروبات الباردة.

دراسات علمية

أجريت العديد من الدراسات لفهم تأثير المشروبات الساخنة والباردة على حرارة الجسم. في دراسة نُشرت في مجلة "Acta Physiologica" عام 2012، وجد الباحثون أن شرب المشروبات الساخنة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض صافي كمية الحرارة في الجسم. وذلك لأن الزيادة في إنتاج العرق والتبخر اللاحق تفوق الحرارة المكتسبة من المشروب الساخن.
في المقابل، وجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة "Journal of the International Society of Sports Nutrition" أن المشروبات الباردة يمكن أن تكون فعالة في خفض درجة حرارة الجسم الأساسية أثناء التمارين الرياضية في الأجواء الحارة. ومع ذلك، كان هذا التأثير قصير المدى.

اعتبارات ثقافية

من المثير للاهتمام أن العديد من الثقافات في المناطق الحارة تفضل المشروبات الساخنة، مثل الشاي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. قد يكون هذا ناتجًا عن الخبرة التراكمية عبر الأجيال في التعامل مع الحرارة.

نصائح عملية

1- التنوع: يمكن الجمع بين المشروبات الساخنة والباردة للاستفادة من مزايا كل منهما.
2 -الاعتدال: تجنب شرب كميات كبيرة من المشروبات الباردة جدًا، لأنها قد تسبب صدمة حرارية للجسم.
3- التوقيت: يمكن تناول الشاي الساخن في الصباح أو المساء، والاحتفاظ بالمشروبات الباردة لساعات النهار الحارة.
4- الإضافات: تجنب إضافة الكثير من السكر للمشروبات، سواء كانت ساخنة أو باردة، لأن السكر يزيد من عملية الأيض وبالتالي إنتاج الحرارة.
5- الترطيب: بغض النظر عن درجة حرارة المشروب، من المهم الحفاظ على ترطيب الجسم بشكل كافٍ في الأيام الحارة.

الخلاصة

بينما توفر المشروبات الباردة راحة فورية في الأيام الحارة، فإن الشاي الساخن يمكن أن يكون أكثر فعالية في تبريد الجسم على المدى الطويل من خلال تحفيز آليات التبريد الطبيعية للجسم. ومع ذلك، فإن الاختيار الأمثل قد يختلف من شخص لآخر اعتمادًا على عوامل مثل البيئة المحيطة، مستوى النشاط البدني، والتفضيلات الشخصية. الأهم هو الاستماع إلى احتياجات جسمك والحفاظ على الترطيب الكافي، بغض النظر عن نوع المشروب الذي تختاره.