الآيس كريم
علي العمري
| 05-11-2024
فريق الغذاء ·
الآيس كريم، تلك الحلوى اللذيذة التي نعشقها جميعًا في أيام الصيف الحارة، لم يكن دائمًا متاحًا بسهولة كما هو اليوم. تاريخه يعود لعدة قرون، وقد مر بمراحل عديدة من التطور والابتكار حتى وصل إلينا بشكله الحالي.
بدأت قصة الآيس كريم في الشرق الأقصى، حيث كانت الصين القديمة أول من صنع الحلوى المثلجة باستخدام الثلج والحليب. ومن هناك، انتقلت هذه الفكرة إلى بلاد فارس والعالم العربي، حيث تم تطويرها وإضافة نكهات جديدة. ولم تلبث هذه الحلوى اللذيذة أن وصلت إلى أوروبا بفضل الرحالة والمكتشفين، لتأخذ مكانها في القصور الملكية قبل أن تنتشر بين عامة الناس وتصبح كما نعرفها اليوم.

أصول الآيس كريم في الصين القديمة

تعود أقدم السجلات المتعلقة بالآيس كريم إلى الصين القديمة، حيث كان الأباطرة يستمتعون بحلوى مصنوعة من الثلج الممزوج بالحليب. تشير السجلات إلى أن هذه الوصفة كانت تُعد فقط للأباطرة والنبلاء، وكانت تُعتبر رفاهية نادرة. كانت عملية جمع الثلج وحفظه في تلك الفترة صعبة ومكلفة، مما جعل هذه الحلوى مقصورة على فئة معينة من المجتمع.
في الصين، كانوا يقومون بخلط الثلج مع الحليب والأرز لصنع حلوى منعشة. هذه الوصفة البسيطة يمكن اعتبارها الشكل الأولي للآيس كريم كما نعرفه اليوم. وقد أضاف الصينيون بعض النكهات البسيطة من الفواكه أو العسل لإضفاء نكهة مميزة على هذه الحلوى.

انتقال الآيس كريم إلى بلاد فارس والدول العربية

من الصين، انتقلت فكرة الحلوى المثلجة إلى بلاد فارس (إيران الحالية) في حوالي 400 قبل الميلاد، حيث طور الفرس نوعًا من الحلوى الباردة باستخدام عصير الفاكهة المخلوط بالثلج، وأطلقوا عليها اسم "شربات" (sherbet). كانت هذه الحلوى تتمتع بشعبية كبيرة بين النبلاء في بلاد فارس، وسرعان ما انتشرت إلى الدول المجاورة، بما في ذلك العالم العربي.
في العالم العربي، تم تطوير تقنيات جديدة لإنتاج الحلوى المثلجة. تم إضافة السكر إلى الوصفات، مما أدى إلى ابتكار نكهات جديدة وغنية. أصبحت الحلوى المثلجة جزءًا من الثقافة العربية وتم تقديمها في المناسبات الخاصة والحفلات الملكية.

وصول الآيس كريم إلى أوروبا

في القرن الثالث عشر، جلب الرحالة الإيطالي ماركو بولو معه من الصين تقنيات صنع الحلوى المثلجة، بعد رحلاته الطويلة إلى الشرق. عند عودته إلى إيطاليا، أدخل هذه الحلوى إلى البلاط الإيطالي حيث لاقت إعجابًا كبيرًا بين النبلاء.
سرعان ما انتشرت تقنيات صناعة الآيس كريم من إيطاليا إلى فرنسا، حيث أدخلتها كاثرين دي ميديتشي، وهي أميرة إيطالية تزوجت من الملك الفرنسي هنري الثاني. بعد ذلك، أصبحت الحلوى المثلجة شائعة في بلاط فرنسا وانتقلت تدريجيًا إلى بقية أنحاء أوروبا.

انتشار الآيس كريم في العالم الحديث

بحلول القرن الثامن عشر، أصبح الآيس كريم شائعًا بين عامة الناس في أوروبا وأمريكا. تم تطوير آلات التجميد اليدوية، مما جعل عملية صنع الآيس كريم أكثر سهولة. ومع التحسينات في تقنيات التبريد وحفظ الثلج، أصبح الآيس كريم متاحًا للجميع، وانتشرت المحلات التي تبيع هذه الحلوى في المدن الكبرى.

الآيس كريم في القرن العشرين وما بعده

في القرن العشرين، شهدت صناعة الآيس كريم تطورات كبيرة، حيث تم إدخال النكهات المتعددة وتطوير تقنيات التصنيع الكبيرة. أصبحت هذه الحلوى متاحة في جميع أنحاء العالم وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس في جميع الثقافات.

الخلاصة

من الصين القديمة إلى العالم الحديث، قطع الآيس كريم شوطًا طويلًا ليصبح الحلوى العالمية التي نعرفها اليوم. تطور عبر العصور واكتسب شعبية كبيرة بفضل تفاعلات الثقافات والابتكارات المستمرة. اليوم، يمكننا الاستمتاع بمئات النكهات من الآيس كريم في أي وقت وفي أي مكان، لكنه سيظل دائمًا مرتبطًا بتاريخه الغني والمثير.